الفصل الثالث في أنواع الرؤيا

أنواع الرؤيا أربعة :

أحدها : المحمودة ظاهرًا

وباطنًا. كالذي يرى أنه يكلم الباري عز وجل – أو أحد الملائكة ، أو الأنبياء عليهم السلام – في صفة حسنة ، أو بكلام طيب . وآمن يرى أنه يجمع جواهر ، أو مآكل طيبة. أو يرى كأنه في أماكن العبادة مطيعًا لربه عز وجل. ونحو ذلك . قال المصنف : لما أن كانت الرؤيا لا يعرف جيدها من رديها إلا الخبير بهذا الشأن ، فبينت للمعلم أن لا يلتفت على ما اعتقدته النفس خيرًا لفرحها به حين الرؤيا. ولا أن ذلك رديًا لكونها فزعت منه. بل يعتمد على الذي ينبغي في أصول هذا العلم على ما بيناه إن شاء الله تعالى (4).

النوع الثاني : محمودة ظاهرا

مذمومة باطنًا. آسماع الملاهي ، أو شم الأزهار. فإن ذلك همو ًما وأنكا ًدا. أو آمن يرى أنه

يتولى منصبًا عاليًا – لا يليق به – فهو رديء.

قال المصنف : لما كان سماع الملاهي غالبًا لذهاب الهموم – وشم الأزهار فيه إلا أنه عقيبه – كان ذلك رديًا. وأيضًا : من آون ذلك يحتاج إلى نفقات وآلف – ولا ثمرة لذلك يرجعون إليه في مقابلة ما أنفقوا – كان غرامة بلا فائدة ؛ فأعطى النكد. وأيضًا : فإن الأزهار غالبًا تطلب لأصحاب الأمراض ؛ فأعطى النكد وأيضًا. لأن آل ما هو مرصد لشيء ، كان إعلامًا بوجود ذلك . وربما دلوا على الفرج .

النوع الثالث : المذمومة ظاهرًا

وباطنًا . آمن يرى حية لدغته ، أو نارًا أحرقته ، أو سي ًلا غرقه ، أو تهدمت داره ، أو تكسرت أشجاره. فإن ذلك ردئ ، ظاهرًا ، وباطنًا ؛ لدلالته على الهم ، والنكد.

النوع الرابع : المذمومة ظاهرًا

المحمودة باطنًا. آمن يرى أنه ينكح أمه ، أو يذبح ولده : فإنه يدل على الوفاء بالنذر ، والحج إلى اكبر أماكن العبادة ، وعلى أنه ينفع أمه ، أو يزوج ولده ، وعلى مواصلة الأهل والأقارب ، وعلى رد الأمانات(5).

قال المصنف : لما أن كان الوطء مواصلة ولذة بعد مودة ومؤانسة غالبًا أعطى ما ذآرناه من الإحسان إلى من ذآرنا في موضعه. وآونه وطئًا محرمًا بكل وجه أعطى – وطأه في البلد الحرام عليه ، ومشيه إليه – العزيز عنده كالكعبة عند الإسلام ، والقدس عند اليهود والنصارى ، وبيت النيران عند من يعتقده ، ونحو ذلك ، فافهم وقس عليه. وإنما دل ذبح الولد على ما ذآرنا قياسًا على قصة الخليل عليه السلام


(4) فيمكن لإنسان أن يكون محًبا للهو والأفراح مع أنها سيئة الدلالة ، فالموضوع لا يتوقف على حب النفس أو بغضها ، قد يكون ذلك صحي ًحا في بعض الأحيان ، ولكنه لا يأخذ حكم الغالب .

(5) وقد يكون دليلا على العقوق في أحيان أخرى وذلك خاضع لقرائن الرؤيا الأخرى ؛ إذ أن الرؤيا لا يجب أن توؤل منفصلة الرموز ، بل توؤل بانضمام آل رمز إلى الآخر.

كاتب تفسير الاحلامالبدر المنير في علم التعبير – لامام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي