الفصل الثالث عشر: المعكوس الخفي

وأما المعكوس الخفي. (11)

فإن البحر. يدل على النار ، والنار : تدل على البحر.

والحجامة : كتابة ، والكتابة : حجامة.

والمشتري : بائع ، والبائع : مشتري.

فعلى هذا إذا رأى الإنسان كأنه دخل النار : ربما سبح في البحر ، فإن احترق : غرق ، فإن مشى على الصراط : ركب في مركب.

كما قال لي إنسان : رأيت كأن رجلي تلفت بماء البحر ، فقلت له : نخشى عليها حريقًا. فكان كما قلت.

ورأى آخر كأنه يحتجم ، فقلت له : ُيكتب مكتوب لأجل مال.

وكما قال آخر : رأيت كأني أكتب على بدني ، فقلت : تحتجم. فكان كما ذكرت.

وأما المشتري : بائع ، والبائع : مشتري ، فهو لما خرج من يده ، ودخل إليها.

قال المصنف :

لما أن دل البحر على الجليل القدر ودل على الرجل النافع وكذلك النار ودل على قاطع الطريق والمؤذي وكذلك النار وعلى وكذلك النار وما أشبههما ، قام كل واحد مقام الآخر في الحكم. فإذا رأى أحد أن البحر آذاه أو أغرقه وكان الرائي في مكان لا بحر فيه كأكثر أرض الشام والحجاز ونحو ذلك تكلمنا عليه بحسب ما يليق به ، ثم نقول وربما يحترق لك شيء.

لأنه لما عدم ذلك البحر قامت النار مقامه لكونها عامة في موضع عدم فيه الماء لما ذكرنا من اشتراكهما في تلك الأحكام. ولأن الحجام يمسك بأنامله ويجعله سطورًا ويبقي الدم يجري كالمداد فأشبه الكاتب في ذلك ، فقام كل واحد منهما مقام الآخر. فهو معكوس في الحكم ، وهو خفي لقلة استعمال الناس له ، بل لعدم معرفة أكثرهم له. فافهم ذلك إن شاء الله تعالى.


(11) وهذا النوع يحتاج إلى معرفة كبيرة بنصوص الشرع ، ورموز النصوص ، واستعارات الكتاب والسنة.

كاتب تفسير الاحلامالبدر المنير في علم التعبير – لامام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي