الفصل التاسع: ربما رأى إنسان لنفسه ما يدل على الخير

وتعلم أنه ربما رأى إنسان لنفسه ما يدل على الخير ،

عاد حكمه إلى أقاربه وأصحابه ، المغتمين لغمه ، الفرحين لفرحه(9).

ويكون ذلك شرًا ، ونكدًا ، في حق عدوه ؛ لكونه يغتم بخيره ، ويفرح بنكده .

آما أنه إذا رأى لنفسه ما يدل على النكد ، عاد إلى أقاربه ، وأصحابه. ويكون خيرًا لعدوه ، وراحة.

وكذلك إذا نزل بعدوه في المنام أمر ردئ ، حصل للرائي فائدة ، وراحة. كما أنه إذا رئي له ما يدل على الخير : حصل للرائي نكد ؛ لكون الإنسان يتنكد براحة عدوه.

قال المصنف :

لما أن اشترك الرائي مع ألزامه ومحبيه في الخير والشر صاروا كالشيء الواحد. آما أن صديق العدو ومحبه كالعدو.

فإذا أردت أن تعرف أحكام أولئك فمثاله أن يقول لك الرائي :

كان علي ملبوس حسن من حرير يليق به ،

فتقول : هو للعزب زوجة ،

وراحة للفقير ،

وغنى من جليل القدر ،

وفائدة من أصحاب وألزام مشتملين عليك.

ثم تقول : يحصل لعدوك نكد. فإن كان من عمل إقليم مخصوص ،

تقول : رجل من ذلك الإقليم أو تاجر يجيء من ذلك المكان ، أو من أجل تجارة.

وإن جعلت ذلك امرأة فتقول : نكد من امرأة ، أو من معارفك ، أو من غلمانك ، أو من جليل القدر ، ونحو ذلك ؛ لكونه يتألم إذا رأى عليك ما يحسدك عليه.

أو تقول : يحصل لمعارفه كذلك.

فإن قيل : فأي شيء فيه من العلائم.

فإن قال : كان طوق الفرجية فيه عيب. فقل : في وجهه ، أو رأسه علامة.

وكذلك إن قال : في الكم ، تكون العلامة في يده. وفي الصدر ، تكون في فؤاده. ومن ورائه ، يكون آلامًا في عرضه ، أو عيبًا في ظهره. وبالعكس من ذلك لو كان العدو في صفة لا تهون على الرائي حصل له من النكد على ما ذكرناه ، آما لو كان في صفة ردية ، فاحكم كما ذكرناه.

وهذا فصل مليح جدًا فاعمل على ما شرحت لك فهو من غريب التفسير لم ُأسبق إليه ، ولا شرحه أحد كذلك غيري من فضل االله تعالى وكرمه.


(9) وهذا باب آخر عظيم من أبواب الرؤيا ، وهو رد الرؤيا إلى غير رائيها ومن أمثلة ذلك أن يرى غلاما صغيرا ما يدل على الزواج ، فيفسر إلى أقرب أهله كأخيه أو أخته ، أو قريب حميم له ، ولا ينبغي الإسراع بقول إن ذلك دال على الوفاة كما يظن بعض الناس.

كاتب تفسير الاحلامالبدر المنير في علم التعبير – لامام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي