الرئيسية » الاسلام » صحيح البخاري » كتاب الكفالة » باب: صفة الشمس والقمر بحسبان
كتاب بدء الخلق

باب: صفة الشمس والقمر بحسبان

-3- 4 – باب: صفة الشمس والقمر بحسبان.

قال مجاهد: كحسبان الرحى. وقال غيره: بحساب ومنازل لا يعدوانها. حسبان: جماعة حساب، مثل شهاب وشهبان.

{ضحاها} /الشمس: 1/: ضوؤها. {أن تدرك القمر} /يس: 40/: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك. {سابق النهار} /يس: 40/: يتطالبان، حثيثان. {نسلخ} /يس: 37/: نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما. {واهية} /الحاقة: 16/: وهيها تشققها. {أرجائها} /الحاقة: 17/: ما لم ينشق منها، فهم على حافتيها، كقولك: على أرجاء البئر. {أغطش} /النازعات: 29/. و{جن} /الأنعام: 76/: أظلم.

وقال الحسن: {كورت} /التكوير: 1/: تكور حتى يذهب ضوؤها. {والليل وما وسق} /الانشقاق: 17/: جمع من دابة. {اتسق} /الانشقاق: 18/: استوى. {بروجا} /الحجر: 16/ و/الفرقان: 61/: منازل الشمس والقمر. {الحرور} /فاطر: 21/: بالنهار مع الشمس.

وقال ابن عباس ورؤبة: الحرور بالليل، والسموم بالنهار، يقال: {يولج} /الحج: 61/: يكور. {وليجة} /التوبة: 16/: كل شيء أدخلته في شيء.

3027 – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: (تدري أين تذهب). قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: {الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}).

3028 – حدثنا مسدد: حدثنا عبد العزيز بن المختار: حدثنا عبد الله الداناج قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الشمس والقمر مكوران يوم القيامة).

3029 – حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني عمرو: أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

أنه كان يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا).

3030 – حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله).

3031 – حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة: أن عائشة رضي الله عنها أخبرته:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خسفت الشمس، قام فكبر وقرأ قراءة طويلة، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم رفع رأسه فقال: (سمع الله لمن حمده). وقام كما هو، فقرأ قراءة طويلة، وهي أدنى من القراءة الأولى، ثم ركع ركوعا طويلا، وهي أدنى من الركعة الأولى، ثم سجد سجودا طويلا، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم سلم وقد تجلت الشمس، فخطب الناس، فقال في كسوف الشمس والقمر: (إنهما آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة).

3032 – حدثني محمد بن المثنى: حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثني قيس، عن أبي مسعود رضي الله عنه،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا).


[ش (كحسبان..) تفسير لقوله تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} /الرحمن: 5/. والمعنى: يجريان بحساب معلوم، مثل حساب الحركة الرحوية الدورية. (حثيثان) سريعان. (أرجائهما) جمع رجا، وهو الحافة والناحية. (أغطش) أظلم. (كورت) لفت، والتكوير اللف والجمع. (وسق) ضم وجمع ما كان منتشرا بالنهار من الخلق. (اتسق) اجتمع نوره واستوى أمره فصار بدرا. (الحرور) الريجح الحارة، أو هو الحر بعينه، وكذلك السموم، سميت بذلك لأنها تنفذ في مسام الجسم وتؤثر فيه تأثير السم، واللفظ وارد في: /الحجر: 27/ و/الطور: 27/. (يولج) يدخل بعض زمن الليل في النهارفيزيد النهار وينقص الليل، ويضيف بعض وقت النهار إلى وقت الليل فيزيد الليل وينقص النهار، وهكذا يتعاقب الليل والنهار، ويلف الله أحدهما على الآخر. (وليجة) من تتخذه بطانة لك، تصطفيه وتخصه بسرك وودك، يستوي في هذا الواحد والجمع، والمؤنث والمذكر، مشتق من الولوج وهو الدخول في مضيق، كأنك أدخلته على سرك وباطن أمرك. والوليجة أيضا: ما تضمره في النفس من حب ونحوه].

[ش أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، رقم: 159. (تسجد تحت العرش) تشبيه بغروبها، وهي منقادة لأمر الله تعالى وتسخيره، بانقياد الساجد من المكلفين، وهو يخر إلى أسفل، معلنا تمام انقياده وغاية خضوعه لأمر ربه جل وعلا. وكون ذلك تحت العرش فلأن السموات والأرض وغيرهما من العوالم كلها تحت العرش، ففي أي موضع سقطت وغربت فهو تحت العرش. على أن هذا الكلام لا يفسر الظواهر الكونية، وإنما يشير إلى الأسرار الكامنة وراء الظواهر، والتي أودعها الله عز وجل هذه العوالم، فهي من الغيب الذي اختص الله تعالى بعلمه، وأطلع على شيء منه بعض من اصطفاهم من خلقه، وعلى رأسهم

خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ليخبروا بذلك من أرسلوا إليهم، اختبارا لتصديقهم، وتمحيصا ليقينهم، وتثبيتا لإيمان من أسلم قلبه لله تعالى منهم، ولذا نجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخبرهم بذلك، لا يستفسرون عنه ولا يستوضحون، وإنما يصدقون ويستسلمونويفوضون علم ما خفي عنهم إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث فيما سكت عنه الكتاب والسنة، ولا يتطاولون إلى ما أدركت عقولهم أنه فوق قدرهم وطاقتهم، بعد أن آمنوا بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلمنبيا ورسولا. ونحن معاشر المؤمنين الصادقين، يسعنا ما وسعهم، لا سيما وهم الرعيل الأول الأسوة الحسنة، والنموذج الإيماني المثالي الصادق، سدد الله خطانا وحفظنا من نزعات الشياطين. وما أشار إليه صلى الله عليه وسلم، من رجوع الشمس وطلوعها من مغربها، هو من العلاماتالكبرى لقرب قيام الساعة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة. (لمستقر لها) لحد لها من مسيرها كل يوم حسبما يتراءى لعيوننا وهو المغرب، أو لحد معين ينتهي إليه دورها، وقد ثبت أن الشمس تنتقل انتقالا بطيئا مع دورانها حول نفسها في فلكها. (العزيز) الغالب بقدرته على كل مقدور. (العليم) المحيط علمه بكل معلوم. /يس: 38/].

 

[ش (مكوران) مطويان وقد ذهب ضوؤهما].