الرئيسية » الاسلام » صحيح البخاري » كتاب الكفالة » باب: إثم من عاهد ثم غدر
كتاب الجزية والموادعة

باب: إثم من عاهد ثم غدر

 

 

 

 

 

-3- 17 – باب: إثم من عاهد ثم غدر.

وقوله: {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون} /الأنفال: 56/.

3007 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله

ابن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها).

3008 – حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال:

ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا، فمن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف، وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. ومن والى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل).

3009 – قال أبو موسى: حدثنا هاشم بن القاسم: حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما؟ فقيل له: وكيف ترى ذلك كائنا يا أبا هريرة؟ قال: إي والذي نفس أبي هريرة بيده، عن قول الصادق المصدوق، قالوا: عن ذاك؟ قال: تنتهك ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيشد الله عز وجل قلوب أهل الذمة، فيمنعون ما في أيديهم.

3010/3011 – حدثنا عبدان: أخبرنا أبو حمزة قال: سمعت الأعمش قال:

سألت أبا وائل: شهدت صفين؟ قال: نعم، فسمعت سهل بن حنيف يقول: اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أرد أمر النبي صلى الله عليه وسلم لرددته، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر تعرفه غير أمرنا هذا.

(3011) – حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا يحيى بن آدم: حدثنا يزيد بن عبد العزيز، عن أبيه: حدثنا حبيب بن أبي ثابت قال: حدثني أبو وائل قال:

كنا بصفين، فقام سهل بن حنيف فقال: أيها الناس اتهموا أنفسكم، فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال: (بلى). فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: (بلى). قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا، أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: (يا ابن الخطاب، إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا). فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا، فنزلت سورة الفتح، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها، فقال عمر: يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال: (نعم).

3012 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:

قدمت علي أمي وهي مشركة، في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدتهم مع أبيها، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت علي وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: (نعم صليها).


[ش (الذين عاهدت منهم) أي عاهدتهم، وهم زعماء بني قريظة. (ينقضون عهدهم) يخونون. (مرة) معاهدة. (لا يتقون) لا يبالغون بعاقبة غدرهم].

[ش (خلال) جمع خلة وهي الخصلة والصفة]

[ش (عائر) جبل معروف. (حدثا) منكرا وسوءا. (آوى محدثا) نصر جانيا أو مبتدعا، أو أجاره من خصمه. (عدل ولا صرف) فريضة ولا نفل، أو شفاعة ولا فدية. (وذمة المسلمين) عهدهم. (يسعى بها أدناهم) يتولى ذمتهم أقلهم عددا، فإذا أعطى أحد المسلمين عهدا لم يكن لأحد نقضه. (والىقوما) اتخذهم أولياء].

[ش انظر مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات، رقم: 2896. (لم تجتبوا) من الجباية، أي لم تأخذوا من الجزية والخراج. (عن ذلك) عن أي شيء ينشأ ذلك. (تنتهك ذمة الله ورسوله) يرتكب ما لا يحل من الجور والظلم وإتيان المعاصي. (فيشد) يقويها وينتزع منها مهابتكم. (ما في أيديهم) مما وجب عليهم من الجزية وغيرها].

[ش أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية، رقم: 1785. (صفين) اسم موضع على الفرات وقع فيه الحرب بين معاوية وعلي رضي الله عنهما، وهي موقعة مشهورة. (اتهموا رأيكم) يعظ الفريقين أن لا يقاتلوا، وأن يتهموا رأيهم في هذا القتال، لأن كلا منهما يقاتل عن رأي رآه واجتهاد اجتهده، فهو يحذرهم من هذا القتال لأنه قتال الإخوة في الإسلام، وكان سهل رضي الله عنه متهما بالتقصير في القتال، فأخبرهم أنه لا يقصر في نصرة الجماعة المسلمة، كما لم يقصر يوم الحديبية، إذ لو استطاع أن ينصر أبا جندل رضي الله عنه لنصره، حين جاء من مكةمسلما يجر قيوده، وكان قد عذب على الإسلام، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه جاء بعد عقد الصلح مع قريش. (ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا) ما جردناها في الله تعالى، وعواتق جمع عاتق، وهو ما بين العنق والمنكب. (يفظعنا) شديد علينا. (أسهلن بنا) أوصلتنا إلى شيء واضح فيه خير. (غير أمرنا هذا) أي إلا هذه الفتنة التي وقعت بين المسلمين، فإنها مشكلة علينا، فلا ندري على أي شيء يقتل المسلمون، فنزع السيف وغمده في هذا الموطن أولى من سله].

[ش (الدنية) الخصلة المذمومة، وهي مظهر الضعف والاستكانة. (ولما يحكم الله) لم يفصل بيننا وبينهم بالقتال. (أو فتح هو) أي هذا الصلح، ولقد كان فتحا حقا، فلقد تهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الصلح أن يراسل الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وأن يدعو القبائل التي كانت تخشى قريشا وتحسب لها حسابا، فأصبحت تقبل على الإسلام دون أن ترقب خطرا، ولا أدل على ذلك من أن المسلمين كانوا في صلح الحديبية أربعمائة وألفا، بينما زاد عددهم حين أتوا لفتح مكة عن عشرة آلاف، فصدق محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه: أنه رسول الله ولنيضيعه الله جل وعلا].

[ش (أمي) هي قتيلة بنت الحارث. (مع أبيها) هو الحارث المذكور].