الرئيسية » الاسلام » صحيح البخاري » كتاب الرقاق » باب: الفتنة التي تموج كموج البحر
كتاب الفتن

باب: الفتنة التي تموج كموج البحر

-3-17 – باب: الفتنة التي تموج كموج البحر.

وقال ابن عيينة، عن خلف بن حوشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلوا بهذه الأبيات عند الفتن، قال امرؤ القيس:

الحرب أول ما تكون فتيَّة – تسعى بزينتها لكل جهول

حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضرامها – ولَّت عجوزاً غير ذات حليل

شمطاء يُنكر لونها وتغيَّرت – مكروهة للشمِّ والتقبيل

 

6683 – حدثنا عمرو بن حفص بن غياث: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثنا شقيق: سمعت حذيفة يقول:

بينا نحن جلوس عند عمر، إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكفِّرها الصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا، بل يكسر، قال عمر: إذا لا يغلق أبداً، قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أني حدَّثته حديثاً ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأله: من الباب؟ فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: من الباب؟ قال: عمر.

6684 – حدثنا سعيد بن أبي مريم: أخبرنا محمد بن جعفر، عن شريك بن عبد الله، عن سعيد بن المسيَّب، عن أبي موسى الأشعري قال:

خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته، وخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه، وقلت: لأكوننَّ اليوم بوَّاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأمرني، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وقضى حاجته، وجلس على قُفِّ البئر، فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فوقف فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله، أبو بكر يستأذن عليك، قال: (ائذن له وبشِّره بالجنة). فدخل، فجاء عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم، فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فجاء عمر فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ائذن له وبشره بالجنة). فجاء عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم، فكشف عن ساقيه فدلاهما في البئر، فامتلأ القُفُّ، فلم يكن فيه مجلس، ثم جاء عثمان فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ائذن له وبشره بالجنة، معها بلاء يصيبه). فدخل فلم يجد معهم مجلساً، فتحوَّل حتى جاء مقابلهم على شفة البئر، فكشف عن ساقيه ثم دلاهما في البئر، فجعلت أتمنَّى أخاً لي، وأدعو الله أن يأتي.

قال ابن المسيَّب: فتأوَّلت ذلك قبورهم، اجتمعت ها هنا، وانفرد عثمان.

6685 – حدثني بشر بن خالد: أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان: سمعت أبا وائل قال:

قيل لأسامة: ألا تكلِّم هذا؟ قال: قد كلمته ما دون أن أفتح باباً أكون أول من يفتحه، وما أنا بالذي أقول لرجل، بعد أن يكون أميراً على رجلين: أنت خير، بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يجاء برجل فيطرح في النار، فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار فيقولون: أي فلان، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله).

6686 – حدثنا عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف، عن الحسن، عن أبي بكرة قال:

لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل، لمَّا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ فارساً ملَّكوا ابنة كسرى قال: (لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة).

6687/6690 – حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا يحيى بن آدم: حدثنا أبو بكر ابن عياش: حدثنا أبو حصين: حدثنا أبو مريم، عبد الله بن زياد الأسدي، قال:

لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة، فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمار أسفل من الحسن، فاجتمعنا إليه، فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم، ليعلم إيَّاه تطيعون أم هي.

(6688) – حدثنا أبو نعيم: حدثنا ابن أبي غنيَّة، عن الحكم، عن أبي وائل: قام عمار على منبر الكوفة، فذكر عائشة، وذكر مسيرها، وقال: إنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكنها مما ابتليتم.

(6689) – حدثنا بدل بن المحبَّر: حدثنا شعبة: أخبرني عمرو: سمعت أبا وائل يقول:

دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار، حيث بعثه عليّ إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت؟ فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، وكساهما حلَّة حلَّة، ثم راحواإلى المسجد.

(6690) – حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة:

كنت جالساً مع أبي مسعود وأبي موسى وعمار، فقال أبو مسعود: ما من أصحابك أحد إلا لو شئت لقلت فيه غيرك، وما رأيت منك شيئاً منذ صحبت النبي صلى الله عليه وسلم أعيب عندي من استسراعك في هذا الأمر، قال عمار: يا أبا مسعود، وما رأيت منك ولا من صاحبك هذا شيئاً منذ صحبتما النبي صلى الله عليه وسلم أعيب عندي من إبطائكما في هذا الأمر. فقال أبو مسعود، وكان موسراً: يا غلام هات حلَّتين، فأعطى إحداهما أبا موسى والأخرى عماراً، وقال: روحا فيه إلى الجمعة.


[ش (كانوا) أي السلف من الصحابة والتابعين. (يتمثلوا) أي ينشدوها، ليستحضروا في أذهانهم مصير الفتن وما تجر إليه، فيصدهم ذلك عن الدخول فيها، وعدم الاغترار بظاهر أمرها. (فتية) شابة. (شب) اتقد.

(ضرامها) ما اشتعل من الحطب. (حليل) زوج. (شمطاء) من الشمط، وهو اختلاط الشعر الأبيض بالشعر الأسود. (ينكر لونها) يبدل حسنها بقبيح].

[ش (فيطيف به أهل النار) يجتمعون حوله ويتحلقون].

[ش (إسراعك في هذا الأمر) إسراعك في استنفار الناس لقتال بعضهم بعضاً. (إبطائكما عن هذا الأمر) وهو نصرة الإمام الحق. (كساهما) أعطاهما، والمعطي هو أبو مسعود رضي الله عنه. (حلة) ثوبين من نوع واحد، أو إزاراً ورداء].