الرئيسية » الصدقة » باب: ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه
كتاب الإعتصام بالكتاب والسنَّة

باب: ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه

-3-3 – باب: ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه.

وقوله تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} /المائدة: 101/.

6859 – حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ: حدثنا سعيد: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أعظم المسلمين جرماً، من سأل عن شيء لم يُحرَّم، فحُرِّم من أجل مسألته).

 

6860 – حدثنا إسحق: أخبرنا عفَّان: حدثنا وهيب: حدثنا موسى بن عقبة: سمعت أبا النضر يحدِّث، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت:

أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلة، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال: (ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم، حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كُتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة).

6861 – حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا أبو أسامة، عن بريد بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري قال:

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها، فلما أكثروا عليه المسألة غضب، وقال: (سلوني). فقام رجل فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: (أبوك حذافة). ثم قام آخر فقال: يا رسول الله، من أبي؟ فقال: (أبوك سالم مولى شيبة). فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب قال: إنا نتوب إلى الله عز وجل.

6862 – حدثنا موسى: حدثنا أبو عوانة: حدثنا عبد الملك، عن ورَّاد، كاتب المغيرة، قال: كتب معاوية إلى المغيرة: اكتب إليَّ ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه:

إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).

وكتب إليه: إنه كان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعٍ وهات.

6863 – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حمَّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال:

كنا عند عمر فقال: نُهينا عن التكلف.

6864 – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزُهري. وحدثني محمود: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزُهري: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر، فلما سلَّم قام على المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أموراً عظاماً، ثم قال: (من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا). قال أنس: فأكثر الناس البكاء، وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: (سلوني). فقال أنس: فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال: (النار). فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: (أبوك حذافة). قال: ثم أكثر أن يقول: (سلوني، سلوني). فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً. قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولى، والذي نفسي بيده، لقد عرضت علي الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط، وأنا أصلي، فلم أر كاليوم في الخير والشر).

6865 – حدثنا محمد بن عبد الرحيم: أخبرنا رَوح بن عبادة: حدثنا شعبة: أخبرني موسى بن أنس قال: سمعت أنس بن مالك قال:

قال رجل: يا نبي الله، من أبي؟ قال: (أبوك فلان). ونزلت: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء}. الآية.

6866 – حدثنا الحسن بن صبَّاح: حدثنا شبابة: حدثنا ورقاء، عن عبد الله بن عبد الرحمن: سمعت أنس بن مالك يقول:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء، فمن خلق الله).

 

6867 – حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة، وهو يتوكَّأ على عسيب، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يُسْمِعْكُم ما تكرهون، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن الروح، فقام ساعة ينظر، فعرفت أنه يوحى إليه،فتأخرتُ عنه حتى صعد الوحي، ثم قال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}.


[ش (أشياء) نزل حكمها مجملاً. (تبد) تظهر وتفصل. (تسؤكم) يصبكم بسببها هم وكرب لما يصبح فيها من المشقة عليكم].

[ش أخرجه مسلم في الفضائل، باب: توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله..، رقم: 2358.

(جرما) ذنباً وإثماً. (من أجل مسألته) بسبب سؤاله].

[ش (يتنحنح) من النحيح، وهو الصوت يردد في الجوف].

[ش (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه وإنما ينفعه الإيمان والطاعة].

[ش (نهينا) أي نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. (التكلف) قال في النهاية: أراد كثرة السؤال، والبحث عن الأشياء الغامضة التي لا يجب البحث عنها].

[ش (أولى) أي كدتم تهلكون. يقال للرجل إذا أفلت من معضلة: أولى لك، أي كدت تهلك].

[ش أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، رقم: 136.

(يبرح) يزال. (حتى يقولوا) يصل بهم التساؤل إلى أن يقولوا، وهذا تساؤل باطل بالبداهة، لأن كون الله تعالى غير مخلوق أمر ضروري، فالسؤال عنه تعنت، ومن عرض هذا التساؤل على خاطره فليقل: آمنت بالله، ويقرأ سورة الإخلاص، و يتفل عن يساره وليستعذ بالله، ليطرد عنه وساوسالشيطان. كما ثبت في صحيح مسلم (134): أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته). وعند أبي داود (4722): (فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً، وليستعذ من الشيطان)].