الرئيسية » الاسلام » صحيح البخاري » كتاب المناقب » باب: الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط
كتاب الشروط

باب: الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط

-3- 15 – باب: الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط.

2581/2582 – حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري قال: أخبري عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين). فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا خلأت القصواء، هلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل). ثم قال: (والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها). ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوع فيه، فوالله مازال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر: فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينقذن الله أمره). فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، قال: فانطلق حتى أتى قريشا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم، ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أو لست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آتيه، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى، فإني والله لأرى وجوها، وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك، وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء). ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليهالنظر تعظيما له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدوا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فأقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له). فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقامرجل منهم، يقال له مكرز ابن حفص، فقال: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا مكرز، وهو رجل فاجر). فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.

قال معمر: فأخبرني أيوب، عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد سهل لكم من أمركم). قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم). قال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكتب باسمك اللهم). ثم قال: (هذا ما قاضى عليه محمدرسول الله). فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله). قال الزهري : وذلك لقوله: (لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها). فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به). فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لم نقض الكتاب بعد). قال فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأجزه لي). قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: (بلى فافعل). قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله.

قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: (بلى). قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: (بلى). قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: (إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري). قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: (بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام). قال: قلت: لا، قال: (فإنك آتيه ومطوف به). قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقا، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به.

قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا فانحروا ثم احلقوا). قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يانبي الله، أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيلحقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل غما، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن – حتى بلغ – بعصم الكوافر}. فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: (لقد رأى هذا ذعرا). فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل واللهصاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم نجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد). فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهمأبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم – حتى بلغ – الحمية حمية الجاهلية}. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمنالرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت.

قال أبو عبد الله: “معرة” العرالجرب. “تزيلوا” تميزوا. حميت القوم منعتهم حماية، وأحميت الحمى جعلته حمى لا يدخل.

(يتبع…)

(تابع… 1): – 2581/2582 – حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر… …


[ش (الغميم) واد بينه وبين مكة مرحلتان. (طليعة) مقدمة الجيش. (بقترة الجيش) الغبار الأسود الذي أثارته حوافر خيل الجيش. (يركض) من الركض وهو الضرب بالرجل على الدابة لاستعجالها في السير. (بالثنية) هي الطريق في الجبل، وقيل: هي موضع بين مكة والمدينة من طريق الحديبية. (حل حل) صوتو تزجر به الدابة لتحمل على السير. (فألحت) لزمت مكانها ولم تنبعث. (خلأت) حزنت وتصعبت. (القصواء) من القصو وهو قطع طرف الأذن، سميت به ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن طرف أذنها كان مقطوعا. (بخلق) بعادة. (حبسها) منعها من السير ودخول مكة. (حابس الفيل) الله تعالى الذي حبس الفيل حين جيء به لهدم الكعبة. (خطة) حالة وقضية. (يعظمون فيها حرمات الله) يكفون فيها عن القتال تعظيما لحرم الله تعالى. (فعدل عنهم) ولى راجعا. (الحديبية) اسم مكان قريب من مكة. (ثمد) حفرة فيها ماء قليل. (يتبرضه..) يأخذونه قليلاقليلا. (فلم يلبثه..) لم يتركوه يثبت ويقيم. (نزحوه) لم يبقوا منه شيئا. (يجيش) يفور. (بالري) ما يرويهم من الماء. (صدروا عنه) رجعوا عنه. (عيبة نصح) محل نصحه وموضع سره وأمانته، والعيبة في الأصل ما يوضع فيه الثياب لحفظها، والنصح الخلوص من الشوائب. (أعداد) جمع عد وهو الماء الذي لا انقطاع له، والمراد الكثرة. (العوذ) النوق التي ولدت حدثيا فهي ذات لبن. (المطافيل) النوق التي معها أولادها، وأصله الأمهات التي معها أطفالها، والمراد من قوله: (معهم العوذ المطافيل) أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان، يتزودون من ألبانها، ولا يرجعون حتى يناجزوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمنعوه من الدخول إلى مكة. (صادوك) مانعوك. (نهكتهم) أضعفت قوتهم وأموالهم وأهزلتهم. (ماددتهم مدة) جعلت بيني وبينهم مدة صلح وهدنة. (أظهر) غلبت عليهم. (جمو) استراحوا من جهد الحرب. (تنفرد سالفتي) ينفصل مقدم عنقي، أي حتى أقتل. (بالوالد) مثل الوالد في الشفقة والمحبة. (بالولد) مثل الولد في النصح لوالده. (بلحوا) امتنعوا. (اجتاح) أهلك واستأصل. (أشوابا) أخلاطا. (خليقا) حقيقا. (امصص ببظر اللات) البظر قطعة لحم بين جانبي فرج المرأة، وقيل غير ذلك، وكان من عادة العرب: أن يقولوا لمن يسبونه أو يشتمونه: امصص بظر أمه، فاستعار أبو بكر رضي الله عنه ذلك في اللات لتعظيمهم إياها، فقصد المبالغة في سبه، واللات اسم لصنم من أصنام قريش أو أنصابهم. (يد كانت لك) نعمة لك علي. (لم أجزك بها) لم أكافئك عليها. (المغفر) ما يوضع على الرأس تحت الخوذة من زرد منسوج، ويسدل على الوجه ليحميه من ضربات السلاح. (غدر) يا غدر، وهو صيغة مبالغة من الغدر. (يرمق) يلحظ. (تنخم) أخرج نخامة، وهي ما يخرج من الصدر إلى الفم. (ابتدروا أمره) أسرعوا في تلبيته وتنفيذه. (يحدون) من الإحداد وهو شدة النظر، أي لا يتأملونه ولا يديمون النظر إليه. (إن رأيت) ما رأيت. (رجل) هو الحليس بن علقمة الحارثي. (يعظمون البدن) أي لا يستحلونها ولا يعتدون عليها، والبدن جمع بدنة وهي ما يهدى للحرم من الإبل أو البقر. (فابعثوها له) أثيروها أمامه. (ضغطة) مفاجأة وقهرا. (يرسف) يمشي مشيا بطيئا بسبب القيود. (الدنية) النقيصة والمذلة. (بغرزه) ما يكون للإبل بمنزلة الركاب للفرس، والمعنى: تمسك بأمره ولا تخالفه.

(قضية الكتاب) كتابة العهد والإشهاد عليه. (حالقه) هو خراش بن أمية الخزاعي. (يقتل بعضنا) من شدة الازدحام على النحر والحلق. (غما) حزنا على عدم المبادرة للامتثال. (فامتحنوهن) فاختبروهن. (بعصم الكوافر) بعصم: جمع عصمة وهي ما يعتصم به من عقد الزواج، والكوافر، الكوافر جمع كافرة، والمراد المشركة، والمعنى: لا تقيموا على نكاحهن، ولا تتمسكوا بالزوجية بينكم وبينهن. /الممتحنة:10/. (رجلين) هما خنيس بن جابر ومولى يقال له كوثر، والذي أرسلهما في طلبه الأخنس بن شريق. (العهد الذي جعلت لنا) أي نطالبك بالوفاء بالعهد الذي أعطيته لنا، وهو أن ترد إلينا من جاءك منا ولو كان مسلما. (فلان) هو خنيس. (فاستله) أخرجه من غمده. (الآخر) صاحب السيف. (فأمكنه منه) أعطاه إياه بيده حتى تمكن منه. (برد) كناية عن أنه مات، لأن البرودة تلزم عن الموت. (ذعرا) فزعا وخوفا. (وإني لمقتول) سيقتلني إن لم تردوه عني. (قد والله أوفى الله ذمتك) ليس عليك عتاب منهم فيما صنعت أنا. (ويل أمه) الويل العذاب، وهي كلمة أصلها دعاء عليه، ولكنها استعملت هنا للتعجب من عمله. (مسعر حرب) محرك لها وموقد لنارها، والمسعر في الأصل العود الذي تحرك به النار. (لو كان له أحد) لو وجد معه أحد ينصره ويعاضده. (سيف البحر) ساحله. (عصابة) جماعة، أربعون فما فوق. (بعير) بخبر عير، وهي القافلة من الإبل المحملة بالبضائع والأموال. (تناشده) تسأله وتطلب منه بإلحاح. (الرحم) القرابة، أي يسألونه بحق الله تعالى وبحق القرابة بينهم وبينه. (ببطن مكة) داخل مكة وهي الحديبية، لأنها من الحرم. (أظفركم عليهم) خولكم النصر والغلبة عليهم. (الحمية) الأنفة، فمنعوكم من دخول المسجد الحرام. /الفتح: 24 – 26/. وتتمة الآيات: {وكان الله بما تعملون بصيرا. هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما. إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما}. (صدوكم) منعوكم. (الهدي) ما يهدى للحرم من الإبل وغيرها. (معكوفا) محبوسا وممنوعا. (محله) مكانه الذي يذبح في عادة وهو الحرم. (تطؤوهم) تقتلوهم مع الكفار. (معرة) إثم وحرج. (تزيلوا) تميزوا عن الكفار. (سكينته) وقارة وطمأنينته. (ألزمهم) جعلها ملازمة لهم وثبتهم. (كلمة التقوى) الإخلاص والتوحيد والوفاء بالعهد. (أحق بها) من غيرهم. (فاتكم) سبقكم وذهب من عندكم. /الممتحنة: 11/. (المدة) مدة المصالحة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش].

(2582) – وقال عقيل، عن الزهري: قال عروة: فأخبرتني عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن، وبلغنا أنه لما أنزل الله تعالى: أن يردوا إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بعصم الكوافر، أن عمر طلق امرأتين قريبة بنت أبي أمية، وابنة جرول الخزاعي، فتزوج قريبة معاوية، وتزوج الأخرى أبو جهم، فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم أنزل الله تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم}. والعقب ما يؤدي المسلمون إلى من هاجرت امرأته من الكفار، فأمر أن يعطى من ذهب له زوج من المسلمين ما أنفق من صداق نساء الكفار اللائي هاجرن، وما نعلم أحدا من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها.

وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا مهاجرا في المدة، فكتب الأخنس بن شريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله أبا بصير، فذكر الحديث.